퇇 ღ.. .منتدى مجتمع كوفئ بنات.¸¸.ღ
퇇 ღ.. .منتدى مجتمع كوفئ بنات.¸¸.ღ
퇇 ღ.. .منتدى مجتمع كوفئ بنات.¸¸.ღ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

퇇 ღ.. .منتدى مجتمع كوفئ بنات.¸¸.ღ

مُـ‘ـُنُـ‘ـُتُـ‘ـُډى تُـ‘ـُرفُـ‘ـُهـُ‘ـُئ مُـ‘ـُتُـ‘ـُفُـ‘ـُآعُـ‘ـُلُـ‘ـُ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كيف نتعارف مع القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الاسلام ديني
Admin
الاسلام ديني


عدد المساهمات : 361
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2013
العمر : 30
الموقع : المغرب
العمل/الترفيه : طالبة

كيف نتعارف مع القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كيف نتعارف مع القرآن   كيف نتعارف مع القرآن Emptyالأحد مارس 31, 2013 12:31 am

كيف نتعارف مع القـرآن ؟

ذات يوم .. كنّا أنا وصديق لي نركب سيارة للاُجرة .. وكان السائق قد وضع مصحفاً صغيراً مفتوحاً في مقدّمة سيارته ، كما يفعل الكثير من السائقين من أجل السلامة . وكانت التفاتة جميلة من صديقي أن يحاور السائق في شأن المصحف المفتوح .
قال صديقي : يبدو أ نّك تحبّ القرآن وتحترمه ، وإلاّ ما كنت وضعته في سيارتك ؟!
قال السائق : نعم ، أحترمه وأقدِّسه ، ولكنّني أضعه للتبرّك والحفظ من الأخطار .
قال صديقي : هل تقرأه ؟
قال السائق : لا .
قال صديقي : لو كان لديك قنينة من عسل مصفّى موضوعة على الرفّ .. هل كنتَ تتركها هـكذا من دون أن تتذوّقها ، وفي العسل علاوة على حلاوته شفاء ؟!
قال السائق : بالتأكيد كنتُ أفعل ، وإلاّ لِمَ اشتريته في الأصل ؟
قال صديقي : وهكذا القـرآن .. عسلٌ مصـفّى .. لكنّك تركتـه على رفّ السيارة كمن يترك قارورة العسل على رفّ المطبخ .. لِمَ لا تجرّب أن تتذوّقه ؟!
التقط السائق الاشارة ، فابتسم قائلاً : سأفعل بإذن الله !
ثمّ سرحت مع كلمات صديقي ، وأنا أتأمّل خضرة الربيع الطافحة في كلّ مكان .. تذكّرت الذين يهملون قوارير العسل القرآني مهملة على رفوف بيوتهم وسياراتهم ومكتباتهم من دون أن يجرّبوا تذوّق طعمه ، ولو أ نّهم جرّبوا لما عدلوا عنه إلى غيره .
إنّه عسل ليس كسائر العسل الذي سرعان ما يزول طعمه بمجرّد زواله من اللسان .. فحلاوة العسل القرآني لا تفارق لسان العقل ولسان القلب ولسان الروح أبداً .
وهذه دعوة لكما ـ أ يُّها الشاب المسلم والفتاة المسلمة ـ في أن نفتح قوارير هذا الشهد لنتذوّقه .. أو لنتعلّم كيف نتذوّقه ؟!
سنحاول الإجابة عن عدّة أسئلة حيويّة ، من الضروري لأبناء القرآن ، وأنتم منهم ، الاطّلاع عليها :
1 ـ كيف وصفَ القرآنُ نفسـه ؟ وماذا نستفيد من تلك الأوصاف ؟
2 ـ أولى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة من أهل بيته (عليهم السلام) القرآن ما يستحق من اهتمام وعناية ، فكيف وصفوه ؟ وكيف تعاملوا معه ؟

3 ـ علّمنا القرآنُ نفسه الأساليب التي نتعامل معه من خلالها ، فما هي طرق التعامل مع القرآن من خلال القرآن ؟
(2)
4 ـ كثيرون هم الذين يقصّرون ويهملون القرآن ، فكيف انتقد القرآن المقصّرين في التعامل معه ؟ وهل نحن منهم ؟
5 ـ القرآن كتاب للحياة كلّها ، فكيف يمكن أن تجعل القرآن يجري في حياتك ؟ ما هي أفضل أساليب التعامل معه بالنسبة لنا كشباب ؟
6 ـ وكما أنّ لكلّ شيء حقّاً ، فإنّ لكتابنا الأوّل حقوقاً علينا ، فكيف نؤدِّي حقّ القرآن ؟
7 ـ القرآن مدرسة .. فكيف يمكن لي كشاب أو كفتاة أن أدخل هذه المدرسة لأبني شخصيتي على أساس القرآن ؟

هكذا وصف القرآنُ نفسه :
كيف وصف القرآن نفسه ؟ وماذا يمكن أن نسـتفيد من هذه الأوصاف ؟
لقد قدّم القرآن نفسه إلينا ، وعرّفنا مكانته ودوره في حياتنا ، بتعبيرات شتّى .. هي ليست مجرّد أسماء لمسمّى واحد .. وإنّما هي أوصاف تدلّ على معان وأبعاد مختلفة ، أي أنّ كلّ اسم من أسماء القرآن لفتة نظر إلى حقيقة معيّنة .
فالقرآن (نور ) يبدِّد الظلمات التي تخيّم على القلـب ، فيُضيء عواطفه ، والتي تتراكم على العقل فيفتح أفكاره ، وتحيط بالروح ، فينعش أشواقها ، وتحدق بالحياة ، فيكشف لنا طريق حركتنا فيها . (قد جاءكُم مِن الله نور وكتاب مُبين )( ) .
والقرآن (بصائر) والبصيرة هي الوعي .. أو العين الداخلية التي نرى بها الحقّ والخير فنتبعهما ، والباطل والشرّ فنجتنبهما ، فهي كما العين الخارجية تحتاج إلى نور تبصر به .. والقرآن هو نور البصيرة . (هذا بصائر للنّاس وهدىً ورحمة لقوم يوقنون )( ) .
والقرآن (هداية) إلى الطريق الصحيح بعد ضياع وابتعاد عنه ، ولا يمكن لأحدنا أن يهتدي إلى شيء في العتمة .. هل جرّبتَ أن ترى الأشياء بعد انقطاع الكهرباء وانطفاء النور ؟ (ذلك الكتاب لا ريب فيه هُدىً للمتّقين )( ) .
إنّ نور القرآن هو الذي يهدينا إلى الصراط المستقيم ، فنرى الأشياء واضحة من خلاله .
والقرآن (بيِّنات) وهي عكس الغامضات المبهمات ، فالبيِّن هو الشيء الواضح الجليّ ، والوضوح لا يكون في ظلام ، فحتّى يكون الشيء واضحاً لابدّ أن يكون في النور أو تحت النور ، ولذلك كانت آيات القرآن كلّها بيِّنات ، لأ نّها مستنيرة بنوره ، مضيئة لنا دروب الحياة .
والقرآن (شفاء) وهل تحتاج إلى الشفاء إلاّ إذا كنت تعاني المرض؟
(3)
فالقرآن شفاء لما في الصدور من غلّ وحقد وحسد وبغضاء وتعال وتحامل وعصبية وتجنٍّ ، ولما في الحياة التي نحياها من غشّ وسرقة وزنا وربا وعدوان وشرور أخرى . وبذلك ففي القرآن صحّتنا وعافيتنا وسلامتنا الفردية والاجتماعية . (قد جاءتكم موعظة من ربّكم وشفاء لما في الصُّدور )( ) .
والقرآن (رحمة) فهو باب واسع ندخلـه إذا أغلقت بوجوهـنا الأبواب، وظلّ ظليل نلتجئ إليه إذا لفحنا الهجير.. وحنان غامر إذا ضاقت بنا الصدور والنفوس ، فالرّحمة هي ألطافٌ ظاهرةٌ وخفيّة ، ونعمٌ باطنة وظاهرة . (قد جاءكم بيِّنة من ربِّكم وهدىً ورحمة )( ).
والقرآن (تثبيت) فالتحديات العاتية والصعوبات الجمّة والنكبات الفظيعة والعنت الشديد ، والاضطهاد المرير ، والزلازل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية التي نتعرّض لها ، تحتاج إلى مصل التماسك حتى لا يتصدّع كياننا أو ينهار . (كذلك لنثبِّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا )( ) .
والقرآن (ذكر) والذكر يقابل الغفلة .. والغفلة شرود وسهو ولهو وانصراف عن منابع النور والرحمة والهداية ، أمّا الذكر فهو أشبه شيء بإرجاع السيارة التي تخرج عن الطريق إلى الطريق ، فإذا غفل عنها السائق قادته إلى المخاطر التي قد تودي بحياته .
فالذكر هو يقظةُ العقل وصحوةُ القلب وانتباهةُ الروح ، أي أنّ القرآن يذكّرنا دائماً أنّ هناك ربّاً يرعى ، ويرحم، ويشاهد، ويسدِّد ، ويؤيِّد ، ويثيب ويعاقب ، ويأخذ بأيدينا إلى سبل السلام والخير والسعادة . (إن هو إلاّ ذكر للعالمين )( ) .
والقرآن (ذكرى) والذكرى عكس النسيان ، فكثيراً ما ننسى أو يُنسينا الشيطانُ ، ربّنا ، وديننا ، ومسؤوليتنا ، والغاية من خلقنا ، وتعاليم دستورنا ، فتأتي آياتُ القرآن الكريم لتذكّرنا ذلك كلّه . (هدى وذكرى لاُولي الألباب )( ) .
إنّك إذا انقطعت عن صديق عزيز ، فلا تتصل به هاتفياً ، ولا تراسله بريدياً ، ولا تسترجع ذكرياتك معه ، فإنّه شيئاً فشيئاً سوف يخرج من ذاكرتك وربّما من حياتك أيضاً ، وكذلك القرآن ، فهو ذكرى للذاكرين ، وإلاّ انفصل عن حياتهم وانفصلوا عنه .

والقرآن (موعظة) بل هو أحسن المـواعظ على الاطلاق ، فلا يجد باحث عن الموعظة البليغة أبلغ منه .. يعظنا في الأمم التي سلفت .. وفي الموت الذي سنتجرّع كأسه كلنّا بلا استثناء ، وفي الدنيا التي هي متاع قليل ودار لهو وغرور . (هذا بيان للنّاس وهدىً وموعظة للمتّقين )( ) .
(4)
والقرآن (تبيان لكلّ شيء) أي الجامـع لكلّ شيء ، المانع من الحاجة إلى غيره ، فهو النبع الذي يرده كلّ عطاشى العلم والأخلاق والمعرفة .. فيه القضايا الأساسية واُمّهات المسائل الكبرى ، ولو لم يكن كافياً لاحتجنا إلى كتاب آخر . (ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكلّ شيء )( ) .
والقرآن (تصريف للأمثال) .. والمثل حالة شبيهة بحالة أخرى ، ويُضرب للاعتبار وأخذ الدرس ، فكما عاش الأوائل تجاربهم في ضوء ما أراد الله منهم وابتعدوا عمّا نهاهم عنه ، فإنّ لنا في تلك التجارب دروساً وعبراً، وهذا هو السبب الذي يجعل القرآن يسرد علينا قصص الماضين ، ويدعونا إلى التأمّل في آثارهم ومآلهم . (ولقد صرّفنا في هذا القرآن للنّاس من كلِّ مثل )( ) .
والقرآن (فرقان) أي معيار نميِّز به الحقّ من الباطل ، والخير من الشرّ ، والعدل من الظلم ، والشقاء من السعادة ، والعلم من الجهل ، والقوّة من الضعف ، والصدق من الكذب ، والنجاة من الهلاك . (تبارك الّذي نزّل الفُرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً )( ) .
ولو لم يفرّق القـرآن بين النور وبين الظلام لالتبست علينا الأمور ، فربّما كنّا نرى النـور ظلمة والظلمة نوراً ، كما هو شأن الكثيرين من الناس .
وهو فوق هذا وذاك (بشرى) للمسلمين.. وللمؤمنين بما وعدهم الله وأعدّ لهم من ثواب عظيم ونعيم مقيم . (وبشرى للمسلمين )( ) .
هذه هي بعض خصائص القرآن ، تعرّفنا عليها من خلال القرآن نفسه ، فماذا نستفيد من هذه الخصائص والأوصاف ؟
1 ـ كلّ صفة من صفات الكتاب الكريم عامل من عوامل الجذب والإغراء والتشجيع على الدخول إلى عالم القرآن ، بل عوالمه الكثيرة والمنيرة ، ومعرفة ماذا هناك ؟!
2 ـ إنّ تنوّع وتعدّد صفات القرآن وأسمائه إشارة إلى أنّ جمالات وكمالات القرآن كثيرة ، فهو ليس شفاء وحده ، ولا رحمة وحدها، بل هو كلّ ما وصف به نفسه ، ممّا يستدعي اغتنام واستثمار فوائده كلّها .
3 ـ إنّ علاقة المسـلمين الطويلة مع كتابهم الأوّل (القرآن) أثبتت أنّ كلّ صفة من هذه الصفات مؤكّدة وموثّقة بآلاف بل ملايين التجارب الفردية والاجتماعية ، وحينما يتأكّد شيء ويتعمّق بالتجربة فذلك أكبر برهان على صدقه . وبإمكاننا نحن أيضاً أن نجرّب ذلك بأنفسنا من خلال بناء علاقة حميمة مع القرآن .

(5)
هكذا وصف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن :
كيف وصف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة من أهل بيته (عليهم السلام)القرآن ؟ وكيف تعاملوا معه ؟
ليس هناك أقدر على وصف شيء ممّن جرّبه وتذوّقه وعاشه وتفاعل معه بعقله وروحه وقلبه وسلوكه حتّى أصبح كلّ كيانه وليس جزءاً منه .
أما ترى لو أ نّك زرت قلعة أثريّة ، وتجوّلت في أنحائها كلّها ، وأمضيت فيها وقتاً طويلاً ، والتقطت عيناك صوراً لجمال هندستها وبنائها وتفاصيلها ، وسألت الدليل عن كلّ صغيرة وكبيرة فيها ، فإنّك ستكون أقدر على وصف ما رأيت ، حتّى أن زائر القلعة الذي لا يمتلك دقّة نظرك ، ولا رهافة حسّك ، ولا عمق مشاعرك ، سيجد في وصفك لها جمالاً وقيمة غير الذي تقع عليه عيناه .
وهذا هو حال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مع الكتاب الذي أنزله الله تعالى عليه ، وحال الأئمّة من أهل بيته (عليهم السلام) الذين أخذوا ذلك عنه ، فكانوا جميعاً القرآن الناطق ، المجسّد لكلّ ما جاء في القرآن الصامت من تعاليم وأخلاق وأحكام .
فكيف يا ترى وصف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن ؟
وردت عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصاف كثيرة لكتاب الله المجيد ، لكنّنا سنقتصر على بعضها . فلقد وصفه بأ نّه (غنى) في قوله : «القرآن غنى لا غنى دونه ، ولا فقر بعده» أي يمكنك أن تستغني بالقرآن عمّا سواه ، فهو غنيّ في ذاته ولا يستمدّ غناه إلاّ من الغنيّ وهو الله سبحانه وتعالى .
والغنى ـ كما هو معلـوم ـ ليس مادّياً فقط ، بل هو غنى في (العقل) بما يضعه بين يدي العقل من موائد العلم والمعرفة والتجربة ، وهو غنى في (القلب) بما يزوّد القلب من أغذية الصحّة النفسيّة ، وهو غنى في (الروح) بما يمنح الروح من فرص التحليق والتسامي والتكامل في أجواء الالتزام والطاعة ، وهو غنى في (الحياة) فيما تكسبه منه من حلول لمشاكلها ، وتنمية لمصادرها الكامنة فيها .
وعبّر (صلى الله عليه وآله وسلم) عن القرآن أيضاً بأ نّه (دواء) أي صيدلية فيها لكلّ داء دواء ، سواء كان الداء أو المرض فردياً أو إجتماعياً . وإذا توافر الدواء المجرّب إطمأنّ المريض إلى أنّ مرضه قابل للعلاج والمداواة مهما كان صعباً أو مستعصياً .
ووصفه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأ نّه «لا تنقضي عجائبه» فليس في القرآن أمر واحد يثير العجب ، بل كل آياته وكلماته عجائب ، وهي عجائب دائمة ومتّصلة وباقية ما بقي القرآن ، وهذا يجعلنا نتقصّى تلك العجائب ، كما لو قيل لنا إنّ في الجزيرة التي في البحر عجائب وغرائب وكنوزاً ثمينة ، فإنّ ذلك يستهوينا ويستثير فضولنا لمعرفة تلك العجائب والكنوز والإفادة منها .
(6)
وهذا القول أيضاً ، يوضِّح لنا أنّ المكتبة القرآنية ، ورغم كثرة كتب التفسير والأخرى التي تحدّثت عن علومه، وغاصت في أعماق آياته ، فإنّها ما زالت في سـعة لإستقبال المزيد .. وسـتبقى ما بقي الدهر .
واعتبرَ (صلى الله عليه وآله وسلم) تعلّمه وتعليمه علامة من علامات المفاضلة بين المسلمين : «خياركم مَن تعلّم القرآن وعلّمه» . مثلما اعتبر حملته من أشرف الناس : «أشراف أمّتي حملة القرآن وأصحاب اللّيل» . وحملُ القرآن يعني العمل به ، ألا نقول مثلاً عن شاب ناشط أ نّه يحمل مسؤولية تربية إخوانه الشبّان ، أو عن فتاة عاملة أ نّها تحمل
مهمّة إنقاذ بنات جنسها من الانحراف ؟ فحمل القرآن يعني العمل بما جاء به ، وإلاّ فإنّ غير العامل به مثله كمثل بني إسرائيل الذين لم يعملوا بكتابهم (التوراة) : (مثلُ الّذين حُمِّلوا التّوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الّذين كذّبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظّالمين )( ) .
مكتبةٌ عامرةٌ، قيِّمة ، على ظهرِ حمار.. هل يستفيدُ منها حرفاً ؟!
ولعلّ أعظم ما يهمّنا هنا من أحاديثه (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك الذي رسم فيه الطريق لأمّته من بعده : «إنِّي تارك فيكم الثّقلين ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» . فالسلامة من الضلال والانحراف عن خطّ الاسلام في غياب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)تتحقّق من خلال صمامَي أمان : التمسّك بالكتاب وبمن عنده علمُ الكتاب !
وقد ورد في أحاديثهم (عليهم السلام) وهي أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أنّ الكتاب شفاء من الكفر والنفاق والغيّ والضلال ، وأ نّه جلاء القلوب كما يُجلى الصدأ من الحديد ، وأ نّه جديد في كلّ زمان يجري مجرى الشمس والقمر ، وأ نّه أنيس الوحشة . فقد ورد عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) قوله : «لو مات ما بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي» !
وأ نّه ما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان ، زيادة في هدى ونقصان من عمى .


عدل سابقا من قبل اسيل في الأحد مارس 31, 2013 12:32 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الاسلام ديني
Admin
الاسلام ديني


عدد المساهمات : 361
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2013
العمر : 30
الموقع : المغرب
العمل/الترفيه : طالبة

كيف نتعارف مع القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف نتعارف مع القرآن   كيف نتعارف مع القرآن Emptyالأحد مارس 31, 2013 12:31 am

أمّا كيف تعامل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة (عليهم السلام) مع القرآن ؟ وكيف دعوا للتعامل معه ؟ فيمكن تلخيص ذلك في النقاط التالية :
1 ـ التجسيد العمليّ لكلّ ما في الكتاب.. أي السير على الخطّ .. وتنفيذ الخطّة : سُـئِلت إحدى زوجات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : كيف كان خُلقهُ ؟ فقالت : أ أُجملُ أم أُفصِّل ؟ فقيل لها : أجملي . قالت: «كان خُلقُه القرآن»! وهو جواب أيضاً على سؤالين
(7)
آخرين : بِمَ عظّم الله تعالى أخلاق النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله : (وإنّك لعلى خُلق عظيم )( ) ؟ وكيف يمكن أن تكون أخلاقنا الاسلامية ؟
2 ـ القراءة : وفي مدرسة القرآن الناطقة ـ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله (عليهم السلام) ـ نتعلّم أيضاً كيف نقرأ القرآن الصامت :
أ . قراءة القرآن في الصلاة أفضل ، أي قراءة سور أو آيات منه ، فعن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «القراءة في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة ، وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من ذكر الله تعالى» . ولعلّ أفضلية قراءة القرآن في الصلاة ناتجة عن أنّ القرآن خطاب الله للإنسان ، والصلاة هي خطاب الإنسان لله ، كونها دعاءً وذكراً ، فتكون المناجاة في الصلاة حركة باتِّجاهين : من الله العزيز إلينا ، ومنّا إلى الله العزيز .
ب . القراءة في المصحف أفضل من استذكاره وقراءته على ظهر الغيب . جاء عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «القراءة في المصحف أفضل من القراءة ظاهراً» . وربّما كان ذلك لأنّ العين هي نافذة للعقل وللقلب ، ومن خلال بريد العين يمكن أن تنتقل رسائل الهداية القرآنية إلى مراكز الوعي فينا .
إنّك يمكن أن تتذكّر وجهاً جميلاً طالعكَ من قبل فتسعد بخياله ، لكن رؤيتك لهذا الوجه والتأمّل في قسمات جماله عن قرب سوف يزيد في أنسك وبهجتك به .. هناك خيال وهنا صورة حيّة .
وربّما كان ذلك كجزء من سلسلة خطوات للحفاظ على الكتاب الكريم وتداوله ولفت الأنظار إليه .
ج . الترتيل وتحسين الصوت . فترتيل القرآن له وقع آخر غير التلاوة المجرّدة التي قد لا تجسّد معاني القرآن . جاء عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «حسِّنوا القرآن بأصواتكم» .
والقرآن حسنٌ بغير أصواتنا ، لكنّ المراد هنا تحسين الصوت أثناء القراءة حتى تبعث عذوبته على الإنجذاب إلى الإستماع والإنصات إليه والتفكّر به . ألا يجتذبك الصوت الشجيّ الجميل المرخّم في الأذان والنشيد والدُّعاء والرثاء ، فتشعر أنّ المعاني تدخل إلى قلبك أسرع ؟!
د . قراءة ما تيسّر منه . فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) : «القرآن عهدُ الله إلى خلقه ، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده ، وأن يقرأ منه في كلّ يوم خمسين آية» . أي كمعدّل وليس من الواجب اللازم ، فقد لا يسمح الوقت بقراءة أكثر من صفحة من
(8)
صفحات المصحف ، ولعلّ قراءة الصفحة يومياً أفضل من ختم المصحف في شهر وتركه أحد عشر شهراً !
كان أحد قرّاء القرآن كلّما أراد أن ينام يقرأ شيئاً من القرآن في القرآن ، وكلّما استيقظ يقرأ شيئاً منه ، فسأله سائل عن ذلك ، فقال : أقرأه قبل النوم حتّى يكون آخر عهدي بنهاري القرآن ، وأقرأهُ بعد الاستيقاظ حتّى يكون أوّل عهدي بنهاري القرآن ، فأنا أفتتح نهاري وأختتمه بالقرآن !
3 ـ إستنطاقه : ومعنى الاستنطاق أن تجعل القرآن يجري في واقع حياتك ، ويعالج مشاكلك ، ويغني ثقافتك . يقول الإمام علي (عليه السلام) : «ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق ولكن أخبركم عنه ، ألا إنّ فيه علم ما يأتي ، والحديث عن الماضي ، ودواء دائكم ونظم ما بينكم» . فهو كتاب الماضي والحاضر والمستقبل ..
الماضي .. لأنّ في القرآن قصص الأوّلين ، وكلّها دروس ومواعظ وعبر وتجارب وفوائد .
الحاضر .. لأ نّه يحكم فيما بيننا فيما نختلف فيه ، ولأ نّه يدعونا إلى ما يُحيينا .
المستقبل .. أي فيما ينفعنا في كل زمن قادم ، وفيما ستؤول إليه الأمم والشعوب في حياتها الآتية ، وبعد مماتها .
يقول علي (عليه السلام) : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : «ستكون فتنٌ . قلت : وما المخرج منها ؟ قال : كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل» .
والاستنطاق ـ أي تحريك القرآن في الواقع ـ يقود إلى اكتشاف نظريات مهمّة ومفاهيم جديدة ، وأساليب عمل نافعة .
والاستنطاق أيضاً يمكن أن يكون بوضع أسـئلة نبحث عن إجاباتها في القرآن . وقد يكون بالتأمّل في آياته واستظلالها واستيحائها واستجلاء آفاقها وأبعادها وحركتها في مناحي الحياة كلّها . ولذا جاء في أحاديث الأئمّـة من أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «آيات القرآن خزائن ، فكلّما فتحت خزائنه ينبغي لك أن تنظر فيها» . وهذا يستدعي :
أ . التريّث والتلبّث وعدم العجلة في القراءة .
ب . الإمعان والتفكّر المتأنّي في المعاني والمضامين .
ج . استشراف الآفاق العديدة التي تنبض بها الآيات ، فليس القرآن كتاب تأريخ ، وإنّما هو كتاب تأريخ وواقع ، وحتّى التأريخ موظفٌ في القرآن لخدمة الواقع .


(9)
4 ـ خطاب القرآن عام : فلم يخاطب القرآن القوم الذين نزل فيهم فقط ، بل هو خطاب لكلّ الناس حتّى آخر إنسان يبقى على قيد الحياة . ولذا جاء في بعض الأحاديث إنّ القرآن «نزل بإيّاك أعني واسمعي يا جارة» اي أنّ خطابه ممتد في الناس أجمعين ، فأنا وأنت وكلّ المسلمين والمسلمات مخاطبون بنفس الخطاب الذي خوطب به المسلمون الأوائل ، ولذلك فلا تقتصر آيات القرآن على أسباب نزولها المحدّدة ، بل هي تعنينا أيضاً ، فللآية الكريمة (إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا )( ) سبب نزول معيّن(( )) لكنّها مفتوحة على كلّ إنسان مؤمن وفي كلّ زمان ، أن يطعم لوجه الله ، وأن يعمل لوجه الله ، وأن يتصدّق لوجه الله ، وأن يقوم بكلّ مروءة وكلّ إحسان طلباً لرضا الله لا رضا الناس .
5 ـ القرآن ميزان : فالقرآن مرآة ومعيار وميزان ومقياس تقاس به الأحاديث والآراء والمفاهيم ، أي أ نّنا يجب أن نعرض كلّ حديث ورد في السنّة على كتاب الله فإن وافقه أخذنا به ، وإن خالفه أهملناه . جاء في الحديث : «كلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف» . وجاء أيضاً : «استنصحوه على أنفسكم ، واتهموا عليه آراءكم ، واستغشوا فيه أهواءكم» .
6 ـ القرآن منهاج تربوي : لإصلاح الأخلاق الفاسدة وبناء الأخلاق الكريمة الفاضلة . فقد ورد في الحديث : «إنّ الله سبحانه وتعالى لم يعظ أحداً بمثل هذا القرآن فإنّه حبل الله المتين ، وسببه الأمين ، وفيه ربيع القلب وينابيع العلم ، وما للقلب جلاء غيره ، مع أ نّه قد ذهب المتذكّرون وبقي الناسون والمتناسون» .
وكلمتا (ربيع القلب) و (جلاء القلب) تعبيران عن أنّ الجدب والصدأ الروحي الذي يعاني منه بعضـنا يحتاج إلى ربيع ليحوّل الجدب إلى خضرة يانعة ، والصدأ إلى وجه صقيل لامع ، وما غيرُ القرآن يفعل ذلك ، فقد ورد في الحديث : «أحي قلبك بالموعظة» فالموعظة حياة ، ولمّا كان القرآن خير الموعظة وأحسنها ، فإنّ حياة قلوبنا المجدبة والصدئة والميتة ، تكون باللجوء إلى عيادة القرآن ، ألا يتّجه الذي يعاني القلق والأرق والاضطراب النفسي إلى عيادة الطبّ النفسي للاستشفاء.. فلنجرّب الاتِّجاه إلى عيادة القرآن وسنلقى عجباً !
7 ـ أصناف القُرّاء : وقد قسّمت بعض الأحاديث قرّاء القرآن إلى عدّة أصناف ، ففي الحديث عن الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) أ نّه قال : «قرّاء القرآن ثلاثة :
أ . رجل قرأ القرآن فاتّخذه بضاعة، واستدرّ به الملوك، واستطال به على الناس .
ب . ورجل قرأ القرآن فحفظ ورقه وضيّع حدوده .
ج . ورجل قرأ القرآن ووضع دواء القرآن على دائه» .
فمن أيّ الأصناف هذه أنت ؟!
(10)
فلا يخفى عليك أنّ الصنف الثالث هو الصنف المميّز والصحيح في التعامل مع القرآن .
8 ـ مرجعنا العقائدي : فلقد أرشدتنا بعض الأحاديث إلى أنّ معرفة عقائدنا بطريق صحيح لا يكون إلاّ من خلال القرآن ، الذي حدّد معالم الطريق بشكل لا يضيع فيه سالك .
جاء في الحديث عن القرآن : «واستدلّوه على ربّكم» وإذا كان القرآن دليلنا على ربّنا ، فهو دليلنا على نبوّة نبيّنا ، وعلى معادنا يوم القيامة وعلى أصول ديننا وفروعه .

كيف طلب القرآن أن نتعامل معه ؟
إنّ من لطف الله تعالى ورحمته بالمسـلمين أن عرّفهم كيف يتعاملون مع كتابهم الأوّل ، فلقد وردت عدّة آيات تحدِّثنا عن ذلك ، منها :
1 ـ التدبّر : وذلك هو قوله تعالى (أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها )( ) .
قلوب مقفلة .. مثل بيوت أو دكاكين أو صناديق مقفلة .. أبواب موصدة ، ونوافذ مغلقة ، وستائر مسدلة .. هل يمكن أن يدخل نور أو هواء أو أي شيء آخر ؟
إنّ القلوب المقفلة التي لا تستقبل شعاعةً من نور ، ولا نسمة من هواء ، هي أشبه بقبر تسكنه الوحشة والديدان .
والقلب الذي لا يدخله نور القرآن ولا تحرِّكه نسائم القرآن ، قلب فسد الهواء في داخله وغمرته العتمة حتّى عاد كالخربـة أو المكان المهجور . ولا يتسلل نور القرآن إلاّ إلى أذن وعت القرآن وقلب تدبّر القـرآن ، ونفس كالوادي العمـيق استقبلت أمطار القرآن .
2 ـ التذكّر : وذلك قوله تعالى (ولقد يسّرنا القرآن للذِّكر فهل من مدَّكر )( ) ؟!
فالقرآن واضح بيِّن وسهل الفهم ، في قصصه وعبره ومفاهيمه وتعاليمـه . فكلّ ما فيه تعليمات ربّانية للخروج من دائرة الغفلة واللاّ مبالاة إلى رحاب الوعي والتذكّر واليقظة .
وإنّ ممّا يساعدنا على قراءة القرآن بـ (تدبّر) و(تفكّر) أمور منها :

ـ قراءة ما تيسّر منه ، أي الممكن الذي تسمح به ظروفنا وأوقاتنا . وذلك هو قوله تعالى : (فاقرأوا ما تيسّر من القرآن )( ) . أي ليس هناك تحديد إلزامي بعدد الآيات التي يُستحسن أن نقرأها، فالمجال متروك لنا في قراءة القدر المستطاع منه .
فالمهم ليس كثرة القـراءة وإنّما نوع القراءة ، وهذا ينسـجم مع التدبّر والتفكّر في القرآن .
(11)
ـ القراءة على مهل ، وهو قوله تعالى : (وقرآن فرّقناه لتقرأه على النّاس على مكث )( ) . حتّى يتعلّم المسلمون القرآن شيئاً فشيئاً ، ولذلك ورد في السيرة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعلّم المسلمين عشر آيات حتّى إذا تعلّموها علّمهم العشرة الأخرى ، والتعليم لم يكن بحفظ الكلمات ومعرفة المعاني ، وإنّما بالعمل بها أيضاً .
3 ـ الإسـتعاذة قبل القراءة : وهو قوله تعالى (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشّيطان الرّجيم )( ) .
فمن شأن الشيطان أن يصرفنا عن كلّ عمل خيّر وصالح نريد أن نتقرّب به إلى الله سبحانه وتعالى ، وذلك قوله بلسانه : (لأقعدنَّ لهم صراطك المسـتقيم )( ) . فحتّى ندخل عالم القـرآن الكريم بلا حجاب حاجز ، علينا أن نستعيذ بالله من الشيطان الرحيم .
فالله خيرٌ حافظاً ، وهو خير محام ودافع للشيطان عنّا ، (قل أعوذ بربّ النّاس * ملك النّاس * إله النّاس * من شرّ الوسواس الخنّاس * الّذي يوسوس في صدور النّاس * من الجنّة والنّاس )( ) . وذلك لئلاّ تقرأ الحروف ولا تتدبّر المعاني فتنتهي من السورة ولم يعلق في وجدانك منها شيء ، وبهذا يصدق على القراءة من هذا النوع أ نّها قراءة هذر ، أي لا فائدة فيها .
4 ـ الإستماع والإنصات : وذلك هو قوله تعالى (فإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون )( ) .
فمستمع القرآن قد يتلقّى القرآن في لحظات الصفاء والإصغاء بغير ما يتلقّاه وهو ساه . فربّ آيات قرأناها مراراً لكنّها لم تترك في نفوسنا الأثر المطلوب ، كما يتركه ترتيل شجيّ حزين ، يجسّد الآيات تجسيداً ، فكأ نّنا نرى المشاهد المخيفة والسارّة بأمّ أعيننا ، كما في مشاهد القيامـة والجنّة والنّار ، أو يحبّب إلينا أعمال البرّ والإحسان ويبغّض إلينا أعمال الشرّ والشرك والإثم والعدوان .
ولقد استمع جماعة من الجنّ إلى القرآن .. فاتّبعوه .
واستمع إليه جماعة من مشركي قريش .. فاتّبعوه .
واستمع إليه جماعة من غير المسلمين .. فاتّبعوه .
وما يدريك فربّ آية غيّرت مجرى حياة .

(12)
5 ـ اعتماد الترتيل : كطريقة في تحسين الصوت بقراءة القرآن ليبلغ أثره في النفوس. وذلك قوله تعالى (ورتِّل القرآن ترتيلا )( ) (( )) والترتيل له إيقاع أجمل من التلاوة ، ولذلك قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لكلّ شيء حلية وحلية القرآن الصوت الحسن» .
6 ـ الرجوع إلى أهل الذكر : وهم أهل العلم بالقرآن ، بأن نرجع إليهم في معرفة معاني الآيات ومداليلها ، وذلك قوله تعالى (فاسألوا أهل الذِّكر إن كنتم لا تعلمون )( ) ، وقوله (لا يعلم تأويله إلاّ الله والرّاسخون في العلم )( ) !
وقد اختلف المفسِّرون في مَن هم هؤلاء ، لكنّ الأقرب إلى القبول هم الأئمّة من آل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين أخذوا علم الكتاب من عين صافية ، من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويمكن أن يستفاد في ذلك الآن من علماء الأمّـة الذين تلقّوا فهمهم للقرآن بطرق صحيحة معتبرة ، وخلت تفاسيرهم من التوهين أو المغالاة .

كيف انتقد القرآن المقصّرين في التعامل معه ؟
وجّه القرآن اللوم والنقد والتقريع لأناس لم يحملوا من القرآن إلاّ شكله . وحتّى لا نكون ممّن يشملهم هذا النقد ، علينا أن نجتنب الصفات الذميمة التاليـة ، والتي تمثل نقد القرآن للمقصّرين بحقّ القرآن :
1 ـ هجران القرآن : وذلك قوله تعالى (وقال الرّسولُ يا ربّ إنّ هؤلاء اتّخذوا القرآن مهجورا )( ) .
فهم قد تركوه إلى غيره زهداً به ، وعدم تقدير لقيمته ، فلم يسمعوه، ولم يقرأوه ، ولم يتدبّروه، ولم يحكّموه في حياتهم ، ولم يعملوا به ، فكانوا كمن لديه قصر واسع جميل وقد هجره ليسكن في كوخ حقير، أو تركه ليعيش في العراء ، أو كمن يبحث عن العلم والمعرفة في مرجع ثانويّ ، وهو موجود كلّه في مصدر أساسيّ !
2 ـ عدم تدبّر القرآن : وذلك قوله تعالى (أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها )( ) .
(13)
فهي قراءة سطحية مجرّدة من كلّ تفكّر وتدبّر وتعمّق وتأمّل في المفاهيم والآفاق . وهي قراءة كمِّية وليست نوعية .. قراءة ليس فيها روح .. وليس فيها تفاعل وانفعال ، فعيون الوجه على الأسطر والكلمات ، وعيون العقل والقلب في مكان آخر !
3 ـ الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه الآخر : وذلك قوله تعالى عن اليهود والنصارى (الّذين جعلوا القرآن عضين )( ) .
ولكنّنا نجد في المسلمين مَن جعلوا القرآن كذلك ، فهم يؤمنون بما ينسجم مع أهوائهم وأمزجتهم ورغباتهم وطموحاتهم، ويكفرون بما يختلف أو يتناقض أو يتعاكس معها ، وقد استنكر القرآن هذا التشطير لآياته (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض )( ) ؟!
4 ـ بيع الآيات بالثمن البخس : أي عدم الإيمان بها والعمل على هديها ، وذلك قوله تعالى (اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً )( ) .
وهذا الوصف غير مقتصر على اليهود بل يشمل كلّ مسلم إتّبع الأطماع والشهوات ، وسار على نهج سادته الكبراء ليربح الدنيا ويخسر الآخرة، فمثله كمن يبيع الشيء الثمين بالسعر الواطئ الزهيد .
5 ـ التناقض والازدواجية بين العلم بالقرآن والعمل به : وذلك قـوله تعالى (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله )( ) ؟!
فمن عجب أن يكون العمل مناقضاً تماماً للعلم ، فالعلم بآيات القرآن يقتضي الإيمان بها ، لكن هؤلاء الذين يذمّهم الكتاب هم ممّن يعرفون الطريق لكنّهم ينحرفون عنه ، ويعرفون النور فيغمضون أعينهم عنه ، ويعرفون الصواب ويصرّون على اقتراف الأخطاء ، وهو قوله تعالى (أنظر كيف نبيِّن لهم الآيات ثمّ أنظر أنّى يؤفكون )( ) .
فلو قرّر الذي لديه خريطة أن يعاكسها ويمشي بخلافها ، أي حسب مزاجه وهواه ، فهل سيصل إلى هدفه ، أم لا تزيده كثرة السير إلاّ بُعداً عن الطريق ؟!
6 ـ الإعراض والإبتعاد عن تعاليم القرآن : وعدم الالتزام بما جاء به من أوامر ونواه ، فهؤلاء لا يتناقضون بين العلم بالقرآن وعدم العمل به ، بل يغلقون أسماعهم عن آيات الذكر الحكيم وكأ نّهم لا يسمعونها ، كمن تخاطبه فيسمعك فلا يجيبك ، وكأنّ خطابَك
(14)
موجّه إلى غيره ولايعنيه . وقد عبّر القرآن عن هؤلاء بقوله : (وما تأتيهم من آية من آيات ربّهم إلاّ كانوا عنها معرضين )( ) .
7 ـ إنعدام التأثير : فهناك قسم من قرّاء القرآن ومستمعيه تدخل كلماته من إحدى أذنيه وتخرج من الأخرى في مرور خاطف سريع ، دون أن تعرج في الأثناء على العقل أو القلب أو الروح ، وذلك قوله تعالى (ألم يَأنِ للّذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )( ).
إنّك قد تقرأ كتاب رواية تتأثّر بأحداثها وشخصياتها ، وقد تجري عيناك لمشاهد المأسـاة فيها ، وقد تقرأ ديوان شعر حماسيّ فترتفع درجة الحماسـة لديك ، وقد تقرأ كتاب موعظة فتهتز مشاعرك ويلين قلبك ، فهل حصل معك مرّةً أو عدّة مرّات أن تقرأ القرآن بهذه الطريقة المتفاعلة مع آياته ، التي تتطلّب أن تجري دموعك لبعض ما فيه من آيات العذاب ، وتنفرج أساريرك بالغبطة لما تقرأه من آيات النعيم ، ويخشع قلبك وترقّ أحاسيسك لما فيه من أعظم المواعظ وأرقاها ؟
هذا هو الفرق بين القراءة الجادّة المتفاعلة ، والقراءة البليدة الخاملة !
ولو تأمّلنا فيما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «إنِّي لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن» عرفنا أنّ القراءة الواعية المتعمّقة المتدبّرة تترك بصماتها العميقة في ذهن القارئ ونفسه وحياته .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الاسلام ديني
Admin
الاسلام ديني


عدد المساهمات : 361
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2013
العمر : 30
الموقع : المغرب
العمل/الترفيه : طالبة

كيف نتعارف مع القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف نتعارف مع القرآن   كيف نتعارف مع القرآن Emptyالأحد مارس 31, 2013 12:33 am

والآن نأتي إلى السـؤال الأهم بين الأسئلة التي طرحناها في المقدّمة ، وهو : كيف يمكن أن نجعل القرآن يجري في حـياتنا ، كما يجري الماء في النهر ، والدم في العروق ، والشمس والقمر في فلكيهما ؟ أي ما هي أساليب التعامل والتفاعل مع الكتاب في وقتنا الراهن ؟
1 ـ «لقد وجدتُ القرآن» : يقول مؤلِّف كتاب (في ظلال القرآن) «سيِّد قطب» : «قرأت تفسـير القرآن في كتب التفسير ، وسمعت تفسيره من الأساتذة ، ولكنّني لم أجد فيما أقرأ أو أسمع ذلك القرآن اللّذيذ الجميل الذي كنتُ أجده في الطفولة والصبا .
وعدتُ إلى القـرآن أقرأه في المصحف لا في كتب التفسـير .. وعدتُ أجد قرآني الجميل الحبيب .
الحمدُ لله . لقد وجدتُ القرآن ! » .
وعبارة «وجدتُ القرآن» تعني أ نّه كان قد ضيّعه ثمّ عثر عليه . ولأجل أن نجد نحن القرآن أيضاً ، فلا بدّ من قراءات ثلاث :
أ . أن نقرأه في كتب التفسير لنعرف معانيه ودلالاته .
ب . وأن نقرأه في المصحف الشريف لنعيش روحه وأجواءه وظلاله ، وما يمكن أن يتركه في عقل ونفس كلّ واحد منّا .
ج . وأن نقرأه في حياتنا ليكون سيِّد حياتنا وقائدها ورائدها إلى كلّ خير وفضيلة . أي لا بدّ أن نعرض الواقع الذي نعيشه على القرآن مثلما نعرض وجوهنا على المرآة ، ليكون القرآن مرآة حياتنا نرى فيه حسنها وقبحها ، كما جعله (عمر المختار)( ) و (عزّالدين رحمهم الله تعالى مرآة حياتهم فحقّقوا على يديه الإنجازات الكبرى .
2 ـ «إقرأ القرآن كأ نّما نزل عليك» : يقول الشاعر «محمّدإقبال اللاهوري» عن تجربته في فهم القرآن وإقباله عليه : «لقد كنت تعمّدتُ أن أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح كلّ يوم ، وكان أبي يراني فيسألني ، ماذا أصنع ؟ فأجيبه : أقرأ القرآن . وظلّ على ذلك ثلاث سنوات . وذات يوم قلت له : ما بالك يا أبي تسألني نفس السؤال وأجيبك جواباً واحـداً ، ثمّ لا يمنـعك ذلك من إعادة السؤال من غد ؟!
فقال : إنّما أردت أن أقول لك يا ولدي : إقرأ القرآن كما لو كان نزل عليك !
ومن ذلك اليوم بدأت أتفهّمه وأُقبل عليه ، فكان من أنواره ما اقتبست ، ومن درره ما نظمت» !!
فنصيحة والد الشاعر إقبال دعوة لقراءة القرآن بطريقة الآيات الطازجة النازلة للتوّ، وعليكَ أنت تحديداً، فكيف يا ترى تستجيب لتلك الآيات ؟
ألا ترى أنّ الشيء الذي يخصّك أنت دون سواك يجعلك تتفاعل معه أكثر ممّا لو كان يخصّ غيرك . فلقد ورد عن الحسن ابن عليّ (عليه السلام) أ نّه كان إذا قرأ آية فيها (يا أ يُّها الّذين آمنوا ) ، قال : «لبّيك اللّهمّ لبّيك» ! فهو يشعر أ نّه المعنيّ بها وهي موجّهة إليه شخصيّاً . وهذا هو التجسيد العملي لهذه الفكرة . أي أ نّني ـ أنا قارئ القرآن ـ أقف على أهبة الاستعداد لتلبية ما يأمرني به الله في كتابه ، ولو أنّني اعتبرت انّ خطابه موجّه لغيري لما كنت اكترثت له كثيراً .. جرّب أن يكون خطاب القرآن لك وحدك .
(16)
3 ـ إصطحب القرآن من الآن : صحبة القرآن صحبة غنيّة ، ما رافقـه قارئ متدبّر متفاعل عامل إلاّ وأعطاه من الفوائد والأرباح ما لو اجتمعت الكتب كلّها على أن تمنح مثله أو بعضه لما استطاعت . ولذلك فإنّك حين تقرأه وأنت طفل صغير أو شاب حدث في مطلع الشباب ، فإنّه سيجري منك كما الدماء التي في عروقك ، ففي الحديث : «مَن قرأ القرآن وهو شاب اختلط بلحمه ودمه» . أي نفذ إلى كيانه والتحم به فلا انفصال .
استمع إلى هذه الشهادة من مقرئ للقرآن(( )) :
«كانت بداخلي رغبة شديدة للاتِّجاه نحو قراءة القرآن مثل الشيوخ الذين كانوا يأتون من القاهرة والمنصورة وطنطا لإحياء اللّيالي في قريتنا ، ولم أكن ألعب مع الصغار ، وإنّما كنت أذهب إلى مجالس القرّاء وأجلس تحت أقدامهم لأستمع إليهم حتّى يداعبني النوم وأنا في مكاني على التراب .
وكان قدرُ القرآن الذي يدرّس في المدرسـة لا يُشبع حاجتي ، فخرجت من المدرسة وذهبت لكتّاب الشيخ (يوسف شتا) فحفظت القرآن في سنتين» .
وهذه شهادة ثانية من متدبّر للقرآن ومفسِّر له(( )) :
«لطالما تسمّعت من وراء (الشيشى) في القرية ، للقرّاء يرتلون في دارنا القرآن، طوال شهر رمضان، وأنا معكِ ـ أحاول أن ألغو كالأطفال ، فتردّني منك إشارة حازمة ، وهمسة حاسمة ـ فأنصت معكِ إلى الترتيل ، وأنا لم أفهم بعدُ معناه .
ولقد رحلتِ عنّا ـ يا اُمّاه ـ وآخر صورك الشاخصة في خيالي ، جلسـتُك في الدار أمام المذياع ، تستمعين إلى الترتيل الجميل ، ويبدو في قسمات وجهك النبـيل أ نّك تدركـين ـ بقلبك الكبير ، وحسّك البصير ـ مراميه وخفاياه» .
من هنا يمكن أن نفهم السرّ في إجلاس فاطمة الزّهراء (عليها السلام)إبنة النبيّ المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) ولديها الحسنين في حجرها وهي تقرأ القرآن ، كما ورد في بعض سيرتها .
هل فاتت الفرصة ؟!
لم تفت بعدُ .
فما زال الطريق أمامك واسعاً لإقامة علاقة صداقة وثيقة وصحبة حميمة مع القرآن .. إبدأ من الآن .
(17)
4 ـ قف عند الآيات كما تقف عند إشارات الضوء : القراءة المسترسلة المستطردة التي لا توقّف ولا تريّث فيها لا تعطي فرصة للتأمّل والتذوّق والتدبّر . فأنت حين تقرأ لبعض المتدبّرين قولهم «لقد استوقفتني هذه الآية أو تلك» فإن ما يتبادر إلى ذهنك هو انّ هذه الآية أو تلك الآية لفتت نظرهم إلى أشياء ومعان لم يسبق أن التفتوا إليها .
جرّب أن تستوقفك آيات القرآن ، كما تستوقفك لوحة جميلة لتتأمّلها بإمعان ، لترى فيها ما لم تره وأنت تنظر إليها نظرة عابرة . فربّما صحبت القرآن طويلاً لكنّ وقفة متأنّية مع بعض آياته قد تجعلك تعيد النظر في تقييم تلك الصحبة بشكل أكثر إيجابية .
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : «إنّ القرآن لا يُقرأ هذرمة ، ولكن يرتّل ترتيلا ، فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فقف عندها وسل الله عزّ وجلّ الجنّة ، وإذا مررت بآية فيها ذكر النّار ، فَقِف عندها وتعوّذ بالله من النّار» .
هذا المنهج في طريقة قراءة القرآن يمكن توسيعه على النحو التالي :
إذا مررت بآية فيها استغفار.. استغفر الله من ذنوبك ومعاصيك .
وإذا مررت بآية فيها رحمة .. اطلب الرحمة من الرّحمن الرّحيم .
وإذا مررت بآية فيها اعتبار وتفكّر .. فتدبّر وتأمّل خاصّة في أحوال الاُمم الماضية وما جرى فيها وعليها حتّى كأ نّك أحدهم .
وإذا مررت بآية فيها شكر .. فتذكّر بعض نعم الله عليك ، فاشكرها واسأل الله دوامها .
وإذا مررت بآية فيها توبة .. فاسأل الله التوبة .
وإذا مررت بآية فيها دعوة للعمل الصالح .. فقل : «لبّيك اللّهمّ لبّيك» .. عدْ وأوفِ بالوعد .
وإذا مررت بآية فيها دعاء .. فادعُ به ، كما لو كنت قائلهُ أو سائله .
وهكذا ، فإذا أردت أن تنتفع من آيات القرآن أكثر ، وتستمتع بها أكثر ، وتندفع للعمـل بها أكثر ، فقف عندها كما تقف عند إشارات الضوء التي تدلّ كلّ واحدة منها دلالة معيّنة .
يقول أحد المتخصصين في الدراسات القرآنية(( )) : «إنّ القرآن الكريم يمنحنا في سوره ومقاطعه وآياته البيِّنات ، بل حتى في أسماء سوره .. مفاتيح عمل .. يعطينا إشارات.. شغرات.. يمكن إذا أحسنّا الإنصات إليها وتنفيذها أن نضع خطواتنا على البداية الصحيحة .. إنّنا لنتذكّر هنا أسـماء ثلاث سور من كتاب الله ، تحمل إحداها اسم (القلم) والأخرى ( الشورى) والثالثة ( الحديد) ، والمعادلات الموضوعية لهذه العناوين الثلاثة هي : المعرفة ، الحرِّيّة والقوّة» .. وهل حاجات حياتنا المعاصرة الأساسية غير هذه ؟!
(18)
5 ـ كتاب (الحقّ) و (الحقيقة) : منذ أن خُلق الانسان على هذه الأرض وهو يبحث عن الحقيقة وينشد الحقّ ، فحيناً يصيب وأحياناً يُخطئ . وقد يقال له إنّ الحقيقة هي هذه ، وهي ليست كذلك ، وأنّ الحقّ هو هذا ولكنّه مقدّم بلباس الباطل .
فلِمَ نذهب بعيداً في التفتيش عن الحق وهو قريب في متناول أيدينا ، فهو واضح جليّ في القرآن الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه )( ) ، (وقل الحقّ من ربّكم فمَن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر )( ) .
ولِمَ نضيّع الوقت في التنقيب عن الحقائق الشرعية والعقائدية والمفاهيمية في غيره ، والقرآن هو الأساس والأصل والفصل في ذلك ؟
إنّه القاعدة، والمنطلق، والمنبع، والمصدر، والمرجع لفكرنا وحياتنا (يا أ يُّها الّذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )( ). فهو الّذي يعطينا التصوّر عن الله والوجود والحياة والمجتمع والشريعة .
فكلّ حق لا بدّ أن يعرض عليه لنرى هل هو حقّ فعلاً ؟ وكلّ حقيقة لا تتفق مع حقائقه فهي وهم .
6 ـ تحيّة القرآن : هل يمكن أن نُحيّي القرآن بتحيّة ؟
نعم ، فتحيّتنا للقرآن تتمثّل في تأدية حقّه علينا من خلال :
أ . أن نجلّه ونعظِّمه ونحلّه المحلّ الأسمى من نفوسنا وعقولنا ومشاعرنا بما يتناسب مع مقامه المرموق .
ب . أن نحكِّمه في شؤون حياتنا كلّها : ثقافية وفكرية وشرعية وعملية ، بأن ننطلق منه ونستقي منه ونرجع إليه .
ج . أن نعايشه ونعاشره ، كما نفعل مع صديق مخلص عزيز ، فكما أنّ الصحبة الحسنة تتطلّب مراعاة الآداب ، فكذلك صحبة القرآن تتطلّب المعرفة الوافية لما فيه حفظاً وبحثاً وتدبّراً وتلاوة ، وأن يكون القارئ على طهارة ووضوء وخشوع ، وأن يقرأ بصوت حزين ، وأن يستعيذ بالله من الشيطان قبل المباشرة بالقراءة ، والعمل بما أمر وترك ما نهى .
فإذا حيّينا القرآن بهذه التحيّة ، فإنّه سيردّ تحيّتنا بمثلها أو بأحسن منها ، فيما يفيضه على عقولنا من عقل ، وعلى أرواحنا من روح ، وعلى قلوبنا من صفاء ، وعلى أخلاقنا من تهذيب ، وعلى سلوكنا من إستقامة .

(19)
7 ـ إقرأ القرآن ككتاب هداية : لقد شغل الناس ثواب قراءة سورة أو جزء أو ختمة كاملة عن ثواب أعظم وهو ثواب التفكّر في القرآن ككتاب هداية يخرج الناس من الظلمات إلى النور .
إنّ آية واحدة نتدبّرها ، ونعيها ، وتستحيل إلى طاقة فكرية وعاطفية وسلوكية في حياتنا خير من عشرات الختمات التي لا تهزّ وجداننا ، ولا تغذِّي عقولنا ، ولا تحرِّك طاقاتنا ، لا لأ نّها غير قادرة على ذلك ، فكلّ آيات القرآن خير وبركة ، لكنّ القراءة التي نعدّ فيها صفحات المصحف ، ونتعجّل إنهاء جزء أو أجزاء منه ، أشبه ما تكون بنظرنا من خلال زجاج نافذة سيارة مسرعة ، نرى المناظر الطبيعيّة ، لكنّها سرعان ما تغيب عن وجداننا فلا نستمتع بها ، وربّما رأيناها متشابهة لأ نّنا لم ندقِّق النظر فيها جيِّداً .
وهذا هو الفرق بين مَن يقرأ القرآن ويهتدي بهديه ، ومَن يقرأه فلا يجد فيه الهداية ، فنحن يجب أن ننظر إلى آيات الكتاب الكريم على أ نّها كائنات حيّة ، وإلى الكتاب ككل على أ نّه كتاب حياة حتّى نهتدي به ، أمّا إذا اعتبرناه ككتاب جامد أو مقرر مدرسي ثقيل لا بدّ أن ننتهي منه في نهاية العام الدراسي ، فإنّه سوف يُنسى كما نسيت آلاف الكتب المدرسية .
8 ـ ليكن خُلقنا القرآن : كيف يتسنّى لي الحصول على كتاب للأخلاق جامع مانع يعلّمني الأخـلاق كلّها ؟ هل هناك كتاب يصنع الانسان الكامل ؟
نعم ، ذلك هو القرآن .
ولقد مرّ بنا وصف عائشةرضي الله عنها زوجة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لخلقه بأ نّه خُلُق القرآن . فأخلاق النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي بُعث ليتمِّم مكارم الأخلاق ، هي زراعة القرآن وصناعته وتربيته ، فما من خلق كريم دعا إليه القرآن إلاّ ونموذجه الحيّ هو النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وما من خلق بغيض نهى عنه القرآن إلاّ وتنزّه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عنه . فالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)هو تلميذ القرآن البارّ ، ولكل مسلم شاباً كان أو غير شابّ فيه قدوة حسنة ، لكنّنا نقول كما قال الشاعر :
فتشبّهوا إن لم تكونوا مثلهم***إنّ التشبّه بالكرام فلاحُ
فكما صنع القرآن شخصيّة بهذا المستوى الخلقيّ الرفيع ، فهو قادر على صناعة شخصيّات على مستوى خلقي راق ، فلا تكاد تجد مسلماً حائزاً على مكارم الأخلاق إلاّ وتجد أنّ للقرآن أثره العميق في ذلك .. فخذ قسطك من الأخلاق منه .
إنّنا يمكن أن نشبّه عطاء القرآن بالمطر ، فإذا تهاطلت الأمطار فإنّ هناك أودية تستقبله بالأحضان فينبت زرعها ومرعاها ، وهناك أرضاً سبخة لا ينفذ منها الماء ، فأيّ المثالين تريد أن تكون ؟ هل تترك الربيع لتختار الصحراء ؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف نتعارف مع القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
퇇 ღ.. .منتدى مجتمع كوفئ بنات.¸¸.ღ :: قسـم..الاسلامــي... :: ● نفحآإت-
انتقل الى: